Khazen

هرج ومرج وطبل ! علي حماده, مؤسف، لا بل مؤسف جدا، ان يعتبر العهد الميمون ان محاولة اللبنانيين فتح نقاش في الاستحقاق الرئاسي الذي يخصهم ويهمهم، هو هرج ومرج وطبل!


ومؤسف اكثر، لا بل مفجع، ان يعتبر تصديق الناس لمفهوم “لبننة الاستحقاق” التي نادى بها الرئيس بشار الاسد، نقاشا من دون طائل! فهل معنى هذا ان اعلان زوار العهد صباحا ترشيح الرئيس نفسه لتجديد ولايته (لم يقل لنا كيف)، قد محاه غروب الشمس لتعود السليقة اياها، سليقة الصمت والحجر على آراء الناس؟ ام تراه التراث البوليسي الثقيل الذي لا يفرح الا بالليل او الظلمة يلفان ارض لبنان؟


يقول العهد في رسالته الثانية يوم امس (لا نعرف لماذا هذا السيل من الكلام في يوم الدعوة الى الصمت؟) ان اصحاب الهرج والمرج والطبل غافلون عما هو اهم، في ظل رسائل اسرائيل الامنية. ولكن ما يغيب عن باله هو ان زمن تخويف اللبنانيين، ومثلهم العرب من المحيط الى الخليج، بـ”البعبع” الاسرائيلي قد ولّى. وان الايغال بممارسة “الشانتاج” في حق اللبنانيين قد تلاشى مفعوله. فقد مضى زمن استخدام الفزاعة الاسرائيلية كلما اراد نظام عربي ان يقمع ناسه، او ان يغلق الحياة السياسية والاجتماعية، او حتى ان يرتكب الفظاعات تحت ستار ضوضاء المعركة التي لم يخضها احد. فمن هذا الباب دخلت علينا، نحن العرب، سلسلة لا تنتهي من الهزائم سببتها لنا الديكتاتوريات التي ما افلحت الا ببقر بطن الامة العربية من فلسطين الى العراق، الى السودان، لتدخل اسرائيل واميركا في ثنانيا الحالة العربية.


انها لغة الماضي يستحضرها العهد. وهي لغة انظمة الهزائم التي حولت العالم العربي الى اكبر سجن جماعي في العالم، حيث القمع والبطالة واليأس والقنوط، والامية والتخلف الاجتماعي  والفقر والهجرات الجماعية. نعم ان القول ان النقاش الذي تشهده البلاد حول الاستحقاق الرئاسي هو هرج ومرج وطبل، انما هو محاولة للقول للبنانيين ان عليهم ان يصمتوا، والا ينبسوا بشفة، والا يفكروا بمستقبلهم ومستقبل اولادهم، والا يسألوا لماذا ثمة من يسعى لست سنوات اخرى ليجرب بهم من جديد. وهو ايضا محاولة لمنعهم من استيضاح المؤتمن على الدستور لماذا يقيم الدنيا ولا يقعدها من اجل اطاحة الدستور؟ ولماذا يشعل البلاد في سبيل تأبيد نفسه في الكرسي، تارة تحت شعار العروبة والمقاومة، وطورا تحت شعارات استعادة حقوق المسيحيين، وكأن العروبة في لبنان لم يبق لها سوى اسم واحد وعنوان واحد. وكأن الضيم اللاحق بالمسيحيين في البلاد لم تعد له نهاية الا من طريق واحدة.


يريدون ان يثبتوا دعائم جمهورية الصمت واللبنانيون يصرخون “عا صوت عالي”!


ويريدون ان يسدلوا ستار الظلمة على البلاد، واللبنانيون يتوقون الى النور اكثر من اي وقت مضى.


ويريدون الحجر على “مرض” الحرية المعدي اسوة بالشهداء في “الكرنتينا”، واللبنانيون يتنشقون فيروس الحرية بفرح ما بعده فرح.


فيا ايها “الزوار” الميامين، ليتكم تقولون لاهل ثقافة الصمت الثقيل ان لبنان ليس حقل تجارب، وان اللبنانيين ليسوا فئران مختبر لهذا وذاك.


ويا ليتكم تقولون لهم ايضا ان في لبنان عشاقا للحرية ضحوا كثيرا لكي لا يسقط لبنان نهائيا في غياهب السجن الكبير… وسيضحون اكثر. وتقولون لهم اخيرا ان السلطة التي لا تنبع من الترفع والتجرد والحكمة، هي هيكل فارغ يستهويه الطبل والزمر والهرج والمرج!